الأربعاء، 4 سبتمبر 2024

الاحساس والادراك

الاحساس والادراك 
هل تتحكم في عمليه الادراك عوامل ذاتيه ام عوامل موضوعيه؟
المقدمة:
 اشتغلت الفلسفه قديما وحديثا بالعديد من المواضيع التي تتعلق بالمعرفه والعلم وكذا الادراك واذا كان الانسان كائن اجتماعي بطبعه يؤثر في العالم الخارجي ويتاثر به فانه يدرك ذاته من خلال هذه الحركه الجدليه يستخدم الانسان مجموعه من العمليات الذهنيه والعقليه في هذه العمليه منها الاحساس والادراك اللغه والفكر الذاكره والخيال العاده والاراده الشعور ولا شعور وغيرها وفي هذا المقال سوف نعالج موضوع الادراك والذي قد يلتبس مع مفهوم الاحساس واذا كان الاحساس عمليه اوليه فان الادراك عمليه عقليه معقده تعمل على تاويل الاحداث وتفسيرها واكمالها في شكل ذكريات ولكن الاشكاليه لا تكمن في تعريف الادراك وانما في العوامل المتحكمه فيه وهنا جرى جدل بين الفلاسفه بين من يعتقد ان الادراك تتحكم فيه عوامل ذاتيه في حين يعتقد اخرون ان الادراك مرتبط اشد الارتباط بالعوامل الموضوعيه ووسط هذا الحوار والجدل والتناقض يمكننا ان نطرح تساؤل التالي 
هل تتحكم في عمليه الابداع عوامل ذاتيه خاصه بالفرد ام عوامل موضوعيه خارجية؟
محاوله حل المشكلة:
الموقف الاول
يرى انصار الاتجاه الاول ان عمليه الادراك تتحكم فيها عوامل ذاتيه بحته فالانسان هو الذي يستطيع ان يحدد ما يدركه والكيفيه التي يدرك بها الاشياء الخارجيه وتتحكم هنا عوامل مختلفه متعلقه بالفرد منها 
العوامل العقليه فسلامه العقل وطبيعه القدرات العقليه كالذكاء والذاكره والخيال هي التي تحدد لنا طبيعه الادراك في الرياضيات المتميزون والذين يستطيعون حل المسائل الرياضيه المعقده يتميزون بنسبه ذكاء حسابي جد عاليه كما ان التاريخ يتحدث لنا عن مجموعه من القدرات العقليه الخارقه كقوه الذاكره فابوه هريره رضي الله عنه وعائشه رضي الله عنها كان يرويان الحديث عند سمعه لاول مره كما ان الشافعي يتميز بذاكره جد قويه 
عوامل النفسيه وتتمثل في الميولات والاهواء الخاصه بالفرد اذ يستطيع الانسان ادراك المواضيع التي توافق مع اهوائه وميوله ورغباته في حين انه لا يستطيع ادراك المواضيع التي تنفر منها ميوله واهوائه ورغباته 
العوامل الحسيه وتتمثل في سلامه الحواس فكلما كانت الحواس سليمه كان ادراكنا لمواضيع العالم الخارجي سهلا وبسيطا مثلا اذا كانت حاسه البصر سليمه جاءت المبصوره سليمه ايضا واذا كانت حاسه السمع سليمه جاءت المسموعات سليمه ايضا يقول ارسطو"من فقد حسا فقد علما"حيث ان الفائده لحاسه ما يفقد ايضا المعرفه المتعلقه بها 
النقد: 
بعد عرضنا لهذا الموقف وللحجج والمسلمات التي دافع بها انصار هذا الاتجاه عن موقفهم لا يمكن ان ننكر دور العوامل الذاتيه في عمليه الادراك غير ان الادراك بحاجه الى جمله من العوامل الخارجيه الموضوعيه التي تساعد وتساهم فيها 
الموقف الثاني
يرى انصار هذا الاتجاه ان عمليه الادراك تتحكم فيها عوامل موضوعيه فموضوعات العالم الخارجي وخاصه بروزها او ظهورها وماذا التاثير الذي تحدثه فينا هي التي تتحكم في عمليه الادراك 
دفع عن هذا الموقف جمله من المفكرين ومجموعه من النظريات الفلسفيه منها 
المدرسه الجشطلتيه ونقصد بالمدرسه الجشطلتيه والتي هي مشتقه من كلمه جشطلت وتعني الشكل والصورهو ان المعرفه تنبني على مواضيع العالم الخارجي حيث انها تعتمد على مجموعه من القواعد التي تتاسس عليها عمليه المعرفه والادراك ونسميها قوانين الادراك وتتمثل في: 
قانون الشكل والارضيه: حيث ان التيا ما يوجد الذي يكون عاده موجودا بين الشكل والارضيه من حيث اللون يساعدنا في عمليه الادراك فكلما كانت الالوان متباينه كان الادراك احسن وكلما كانت الالوان متقاربه كان الادراك سيئا فالاشكال البيضاء على ارضيه سوداء يمكن ادراكها افضل من الاشياء الصفراء الموجوده على ارضيه بيضاء 
قانون الاغلاق: ان الاشكال التي تبدو لنا ناقصه يعمد العقل الى اكمالها لتبدو في صورتها النهائيه 
قانون التشابه: كل ما كان هناك تشابه بين الاشياء التي تعرفنا عليها من قبل فان ادركها يكون سهلا 
قانون التقارب: كلما كانت الاشياء متقاربه من حيث المسافه فان ادركها يتم بشكل احسن فالنقاط المتقاربه يتم ادراكها بطريقه احسن من النقاط المتباعده 
قانون الاتجاه المشترك: كلما كانت الاشياء موحده في الاتجاه فان ادراكها يكون سهلا 

العوامل الاجتماعيه: ان طبيعه المجتمع هي ايضا من تحدد طبيعه الادراك فاذا كان المجتمع متفتحا فان عمليه الادراك والبحث عن المعرفه تبلغ اقصى درجاتها 
النقد: 
لا نستطيع انكار دور العوامل الموضوعيه في عمليه الادراك الى انها وحدها غير كافيه للنهوض بالعمليه المعرفيه 
التركيب
بعد عرضنا للموقفين المتضادين والمتناقضين يمكننا القول ان عمليه الادراك لا تقوم على عامل دون الاخر وانما هي مترابطه متداخله حيث تجمع بين العوامل الموضوعيه من جهه والعوامل الذاتيه من ناحيه اخرى فلا يمكن ان نعتمد على العالم الخارجي بصوره النهائيه كما لا يمكننا ان نعتمد على العوامل الذاتيه وحدها والقدرات الفرديه النفسيه والعقليه والحسيه فالذات والموضوع مكملان لبعضهما البعض على حد تعبير ادمند هسرل حيث يقول"ان المعرفه عمليه قصديه من الذات العارفه الى موضوع المعرفه"
خاتمة:
نستنتج من خلال التحليل السابق ان العمليه المعرفيه هي تكامل بين العوامل الذاتيه والعوامل الموضوعيه فعمليه الادراك انما هي تشارك للذات مع العالمي الخارجي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الفلسفة

 الفلسفة ما هي الفلسفة؟ انها بحث عقلي منطقي تاملي في الوجود وما وراء الوجود لا تؤمن الفلسفه بمطلقيه المعرفه ومطلقيه الاخلاق فكل موضوع في الف...